قانون الإلتزامات والعقودs3
مــــــــــــــــقـــدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
إن الأفراد أو الأشخاص في حركتهم اليومية لبد لهم دون مبالغة ,أن ينفذوا إتفاقيات بينهم إما شراء مواد إستهلاكية من البقالات ,إستخدام وسيلة المواصلات للنقل من مكان لآخر ودفع قيمة التذكرة ...إلخ عندئذ يقدمون على تنفيذ إتفاقيات و الإتفاق الذي يتم التوصل إليه بشأن شراء مواد متنقلة أو التأجير ,أو الإستيراد و التوريد للمواد الإستهلاكية وغيرها ,يجعل حقوق وواجبات أطراف الإتفاق مصانة.لذلك فإن الإتفاق يشكل جانب مهم في حياتنا اليومية ,وهذا يدفعنا لمعرفة معني و أبعاد الإتفاق بمنظور القانون و من هذا المنطلق تأتي كلمة الإلتزام و العقد و الذي ينتمي للقانون المدني و من المعروف أنه هو الذي يحكم علاقات الأفراد الخاصة إلا ما يدخل منها في إطار فرع آخر.و لكن قبل التطرق لهذه النظرية لبد أولا التطرق لقانون الحقوق المالية والتي تنقسم إلى حقوق عينية وأخرى شخصية (الإلتزامات)
فالحق العيني كما أسلفنا عنه هو الذي يمكن لصاحبه إستخدام السلطة عليه مباشرة كحق الإستعمال والإستقلال و التصرف و الملكية. أما الحق الشخصي هو رابطة بين شخصين عرضت للنقد حيث أن الحق الشخصي قد يقوم قبل وجود الدائن.
قد كان لتطور المذاهب الفلسفية الإشتراكية الأثر البالغ على النظرية العامة للإلتزامات فكان لزاما أن تتكيف هذه النظرية مع عقود العمل وعقود الإذعان و غير ذلك , كما أثرت في التطورات الإقتصادية ليظهر المذهب الشخصي في الإلتزام الذي يعتد بأطراف العقد كالدائن والمدين وقد تطورت على يد الفقهاء الفرانسيين كما ظهر إلى جانبه المذهب المادي الذي يغلب محل الإلتزام على طرفيه وقد ساد في ألمانيا ليلقي القبول بعدها في فرانسا هذا رغم الإنتقادات التي وجهت إليه.
الإلتزام:
يعرف الإلتزام بأنه رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن و الآخر مدين يترتب بمقتضاها على الطرف المدين أتجاه الطرف الدائن ,نقل حق عيني ,أو القيام بعمل أو الإمتناء عن عمل .
فقد يكون محل الإلتزام نقل حق عيني كإلتزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري
وقد يكون محل الإلتزام القيام بعمل ,كالتزام مؤسسة تجارية بعدم فتح مؤسسة مشابهة تنافس المؤسسة المبيعة.
أو التزام ممثل بالإمتناع عن التمثيل لدى شركة غير الشركة التي تعاقد معها وهكذا فمحل الإلتزام إما أن يكون إجابيا ,وإما أن يكون سلبا ,فهو إجابي إذا انصب على نقل حق عيني أو القيام بعمل ,وهو سلبي إذا هدف الإمتناع عن عمل.①
ويرى أغلب الفقهاء أن الإلتزام مرادف للحق الشخصي ,فالرابطة القانونية التي تربط المدين بالدائن تعتبر إلتزام إذا نظر إليها من ناحية المدين ,وهي تعتبر حقا إذا نظر إليها من وجهة الدائن,وعليه يمكننا تعريف الحق الشخصي بأنه رابطة بين شخصين أحدهما دائن و الآخر مدين يحق بمقتضاها للطرف الدائن مطالبة الطرف المدين بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل②
وقد جاء ترتيب الإلزامات مراعات لمصادرها في المادة22 من قانون الإلتزامات والعقود الموريتاني
الإتفاقات: الإتفاق أو العقد _الإرادة المنفردة_الجرائم "التعويض" أشباه الجرائم ;الفرق بينهما"النية"_أشباه العقود
و مما أمكن الإعتداد بتقسيم ثنائي لمصادر الإلتزام ذهب إليه بعض الشراح يقوم على التكامل بين الواقعة القانونية و التصرف القانوني
الواقعة القانونية :وفيها يترتب الإلزام على واقعة معينة دون دور الإرادة كأن يداهم شخص آخر بسيارته فالضرر رتب تعويضا إلتزم به المتسبب دون أن يكون للإرادة تدخل في نشأة الإلتزام.
التصرف القانوني:ويقوم على الإرادة بإعتبارها هي التي ترضي قيام الإلتزام و يأتي القانون ليتبنى ذلك الرضى ويقيم الإلتزام إعتداد به ويطال التصرف الصادر من جانب واحد "الإرادة المنفردة " كما يضم الصادر عن جانبين "العقد أو الإتفاق"
العقد:إن العقد بالأساس له مفهوم أوسع من الإتفاق .وعليه يتطلب منا فهم أوسع وانتباه وفقا لقانون العقد وانطلاقا من ذلك إذا أردنا أن نطلق كلمة معاهدة على إتفاق ما يتطلب أن ندرك أن أطراف الإتفاق يأكدون أن بينهم تفاهم وأفكار واحدة ملزمة لهم وهي السائد بينهم .و هذا يعني أن كل العقود التي تبرم بين الأشخاص ليست ملزمة لهم .لذا من الأهمية بمكان أن ندرك أن كل العقود تعني الإتفاقات بينما كل الإتفاقات لا تعتبر بالضرورة عقود.فمثلا إذا تعهدت أن نشارك في زواج أحد أحبائك أو تتعهد بأن تقدم شيئا ما في مناسبة الفرح,فهذا العهد قد يعبر عن إتفاقا ولكن رغم الإستعداد للإيفاء بهذا العهد,إلا أن الظروف لا تسمح بذلك, فقطع العهد على النفس في هذه الحالة تأتي للتعبيرعن حسن النية وليس منطق الخوف من التعرض للمسألة القانونية إذا لم تفي بذلك ,فهذا العهد ليس له تقيد بالقانون إطلاقا.وعليه فإن الإتفاق في هذه الحالة لا يعتبر خرقا للقانون و ليس له إلتزامات قانونية.③
إذا العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على أثر يرتبه القانون
ويعرف أيضا بأنه إرتباط الإيجاب بالقبول على إحداث أثر يرتبه القانون.فالشخص يمتلك سلطان الإرادة و إن كان هناك خلاف في نطاقه.
وأهم تقسيمات العقود :
1)العقود المسمات وغير المسمات
2)العقود الرضائية والشكلية و العينية
3)العقود الملزمة لجانب واحد (الوديعة بدون مقابل)و العقود الملزمة للجانبين (البيع)
الفصل الأول: أركان العقد
يعرف الركن في اللغوية بأن جانب الشيء القوي,وفي إصطلاح الأصوليين ما يكون به قوام الشيء ووجوده بحيث يكون جزاءا داخلا في ماهيته. وفقا لمقتضيات المادة 40 من قانون الإلتزامات والعقود الموريتاني ,يقوم العقد على ركن جوهري أساسي هو "التراضي"بيد أن المحل والسبب ركنان في الإلتزام كما بينت المادة 23يضاف إليها ركن الشكلية و التسليم.
وعليه لابد لإنعقاده من توافر تراضي الطرفين ,كما ويجب أن ينصب هذا التراضي على محل قابل لترتيب أثر العقد عليه,وبالتالي فإن التراضي تعبيرا عن إرادة أطراف العقد ,وهذه الإرادة لا تصدر إلا عن إرادة أطراف العقد ,وهذه الإرادة لا تصدر إلا عن إنسان عاقل ومدرك وأخيرا لابد من أن تتجه هذه الإرادة إلى إحداث أمر معين ومحدد بذاته ④ لهذا فإن أركان العقد في القانون هي التراضي ,وهو الإرادة.والسبب.وهو الغاية المشروعة للعقد ,المحل : وهو ما يحدد طرفي العقد ,والذي يجب أن يكون مستوفيا لجميع الشروط المنصوص عليها في القانون.⑤
و عليه فإن الأركان الثلاثة التي ينعقد بها العقد قانونيا,كانت محل اختلاف على مستوى فقهاء القانون المدني,أما على مستوى التشريعات المدنية فهي من حيث الأساس كانت واحدة ولكن يختلف كل قانون عن آخر في بعض الجزئيات البسيطة.
المبحث الأول:التراضي:
يعرف الرضا بأنه إتجاه الإرادة نحو أمر معين يلزم القانون أن يكون مشروعا ,وفي هذه المعنى نقول بأن البائع قد رضي بالبيع والمشتري قد رضي الشراء فيقصد بالتراضي الذي يعد أهم ركن من أركان العقد وفقا لهذا المعنى "توافق الإرادتين " وقد ورد ذلك في المادة 40 ق ع م
وعليه فالتراضي هو تطابق إرادني الإيجاب والقبول من أجل إحداث أثر قانوني ,سواء كان هذا الأثر إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه "لذلك يعد التراضي الأساس الذي يقوم عليه العقد وعليه يجب أن تصدر هذه الإرادة من شخص حائزا للأهلية ولا يعتد القانون بتصرفات بعض الأشخاص ,إذا شاب تصرفهم عيب من عيوب الرضا كما هو الحال بالطفل المميز أو المجنون ,كما ولا يعتد بالإرادة التي تتجه إلى إحداث أثر قانوني محدد⑥
الفرع الأول: وجود الإرادة والتعبير عنها
من أركان العقد رضا الأطراف و يلزم لوجود الرضا توفر الإرادة عند إجراء التصرف أو التعاقد و أن يحصل التعبير عن الإرادة بطريقة طوعية .وتعتبر الإرادة متوفرة عند إجراء التصرف وقت التعاقد ما لم يثبت العكس أو يقضي القانون بخلاف ذلك
ووسائل التعبير بالإرادة عديدة منها أن تكون بالكتابة أو الإشارة الشائعة الإستعمال أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي أو بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود منه ,و ذالك ما لم يطلب القانون في حالة خاصة حصول التعبير عن الإرادة على نحو معين و في هذه الحالة يجب التقيد بالمطلوب . كما ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا ,ما لم يستلزم القانون أو الإتفاق أو طبيعة المعاملة أن يكون صريحا تماما.
أثر التعبير عن الإرادة يصل من وجه إليه قرينة على علمه به ما لم يقم الدليل على عكس ذلك .ولا يكون للتعبير عن الإرادة أثر فعال ,إذا وصل إلى من وجه إليه عدول عنه قبل وصوله أو في نفس وقت وصوله,
إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره ,فإن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند إتصال التعبير بعلم من وجه إليه , هذا ما لم يتبين العكس عن التعبير أو من طبيعة التعامل .و في مثل هذه الحالات , إذا اختلف التعبير عن الإرادة مع حقيقة قصد صاحبه , فإن العبرة تكون بالقصد.
الفرع الثاني:توافق الإرادتين
وفقا للمادة 40 من ق اع م فإن الإتفاق لا يتم إلا بتراضي الطرفين على العناصر الإساسية للإلتزام ,مما يأكد أن العقد يقوم على التراضي
فالعقد له مفاوصات ممهدة و هي الإقتراحات و المساومات والتقارير و الدراسات الفنية بين الأطراف المتعاقدة ليكون كل منهما على بينة عن أفضل الطرق القانونية التي من شأنها تحقيق مصالحة و التعرف على ما قد يسفر عن العقد من حقوق وإلتزامات من هذا النطلق لابد لنا من التطرق لمبدأ حسن النية في التفاوض على أن نتبعه بالعدول عن التفاوض
فحسن النية في التفاوض جاء في المادة 248 من ق ا ع م مفصلا
عدول عن التفاوض وأثره اعتدادا بمبدأ الحرية العقدية,يحق لكل طرف العدول عان المفاوضاتدون أن ينشأ عن ذلك مسؤولية , لأن المفاوضات لا ترقى إلا مرتبة التصرف القانوني, ولا تلزم أيا منالأطراف بالتوصل إلى اتفاق .إلا أن عدم المسؤولية عن العدول لا يحول دون المسؤولية حال إقتران العدول بخطأ تقصيري.
الإيجاب و القبول :إن العقد لا يعتبر صحيحا إلا إذا توافرت فيه الشروط الثلاثة التالية الرضا و المحل والسبب و يشترط هنا في كل من الإييجاب و القبول التطابق بيتهما لتحقيق ركن التراضي كما أن كل من الإيجاب والقبول يمثل إرادة أحد المتعاقدين في إبرام العقد. كما و يجب إقتران الإيجاب بالقبول .
محاضرات الأستاد بكلية الحقوق موريتانيا انواكشوط:أحمدو ول عبد الدايم
《1▪2▪3▪4▪5》▪د : نجيب أهتوت أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور
النظرية العامة للإلتزامات
⑥
أنور سلطان 1998 الموجز في النظرية العامة للإلتزام الإسكندرية دار المطبوعات الجامعية ص:57 بتصرف
(7)عبد القادر ورسمه مستشار قانوني 15 أكتوبر 2019
إرسال تعليق